الذيب الاسود
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


الذيب الاسود
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 خطوات حائرة

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
مازن مراد
Admin
Admin
مازن مراد


ذكر
عدد الرسائل : 714
العمر : 37
العمل/الترفيه : بحار فى الصحراء
المزاج : رايق لاخر درجه
احترامك للقوانين : خطوات حائرة 11110
مزاجي : خطوات حائرة 310
مواضيعي :
تاريخ التسجيل : 16/02/2008

خطوات حائرة Empty
مُساهمةموضوع: خطوات حائرة   خطوات حائرة Emptyالخميس أغسطس 28, 2008 4:43 am

خطوات حائرة


دموع تناثرت من بين ركام الدمار , لاحت لعلها تطفئ جمر الحياة المتعثر على الطريق , كانت هذه الدموع ترسم لوحة لأطفال فقدوا آبائهم , هدم بيتهم , انتهزت رقتهم , سلبت الابتسامة من على جبينهم , حرموا من أبسط حقوقهم كالتعليم والمأكل والملبس والمشرب , حتى اللعب في المتنزهات والتي ما زالت تظهر على رمالها آثار أقدام وحشية .

وقفت على شاطئ البحر والذي ما زال ينبض حيا , لكن البحر أجابني أنه توقف نبضه يوم أن صرخت هدى غالية أمام شاشات التلفاز , وعلى شاطئ البحر تصرخ أين أبي؟ أين أمي؟ أين إخوتي؟ , لقد جاب صراخها مشارق الأرض ومغاربها , لقد سمع صدى صوتها من أفق البحر , لكن البحر عجز عن استغاثتها , فانتفض موجه خفقا عاليا صارخا أغيثوها يا عرب . غادرت هذا البحر والذي كان يبكي مرددا آه آه! .

تجولت في طريق مغبر خيم عليه السكون, لا أرى لابن أنثى في هذا الطريق , لم أسمع فيه إلا خطوات قدمي, على جنباته بيوت مهدمة هجرها سكانها،وكأن زلزالاً ضرب المنطقة فبدأت أخطو ببطء ودقات قلبي تخفق خوفاً من مجهول،وإذا بي ألحظ من بعيد طير حائرا يقف على شاطئ بحر , فسرت إليه مهرولا لعلي أجد في أمره شيئا ،وعندما دنوت منه، سألته عن سبب حيرته , رفع رأسه ونفض ريشه المبلل بالماء وقال لي هل يعقل أن يعيش إنسان , طائر , حيوان , في كنف أرض سلب ضميرها وطرد أهلها وفقد ربيعها , أن تكون مرتاحة البال , أنا طائر أحلق في أفضية العالم , أرى الناس هادئي الأنفس , أيامهم تشرق كالربيع , أرى ابتسامتهم العريضة على وجوههم , لا أجد فيهم من يقف حائرا , منكسر الخاطر , لا أسمع أنين الأطفال ولا صراخ الأمهات ولا توجع الشيوخ ولا حتى هموم الشباب. لكني أسمع هنا أنين اليتامى , صراخ الثكالى , بكاء الشيوخ , هموم الشباب بعد قضاء حياة التعليم , هنا الأطفال يقضون إجازتهم وهم في قلب الرعب الذي يلاحقهم في كل مكان , في وسط فراشهم , في منامهم , حتى وعلى مقاعدهم الدراسية التي تأن وتستصرخ . فقاطعت حديث الطير، والحزن يساورني :" ما بال هذا المكان وقد غرق بالسكون والهدوء , وخلت دياره من أهلها؟!! فأجابني وهو يحلق في السماء :" لقد هجر أهلها رغما عنهم تحت تهديد السلاح , ليستوطنها من أخفق قلب الآباء والأجداد قبل أكثر من خمسين عاما.

وفجأة! وإذ بصوت أزيز رصاص يكسر سكون المكان،ليلاحق الطير بعد محاولته الهروب والطير في السماء, و ليلاحقني أملاً في كتم حقيقة ما حدث ويحدث، فتناثرت دموعي بين ركام الدمار.

وهكذا ودعت طيرا حلمه أن يحمل هموم شعب زيفت هويته , لكن عجز عن تولي هذه المهمة , موجها رسالة لعالم اعتقد أنه يسمع ويرى ويتكلم لشعب كلمته مكبولة .

كانت السماء حالكة الظلام والنهار أوشك على الرحيل , ليجلس رجل مسن ما زال قطار حياته يمضي بعد أن أتم ثمانين خريفا في غرفة سقفها مهدم وبعض جدرانها مشقوقة. جلست مع هذا الجد الفلسطيني في مدينة مقابلة للمخيم المستولى عليه من قبل الاحتلال , وفي وسط الظلام الدامس الذي يخيم على هذه المدينة وانقطاع للضوء في قلب هذه البيوت التي يسمع صراخ أطفالها وأنين مرضاها من بعيد. كنت في البداية حرجا فيما إذا كان لا يطيق جلوسي معه , فهممت بالقيام فإذا به يمسك يدي ويجلسني .

قلت إني أقرأ في عينيك بعض الكلمات الحائرة , فما بال هذه الكلمات في عيني رجل مر بتجربة حياة . بدأ ينثر كلماته بقوله لقد اشرأبت الأعناق , لقد كلمت وملت القلوب , ليت الصباح يشرق من جديد ليحمل في طياته الأمل والنصر .منذ أن وجدت على هذه الأرض وأنا أعيش في الليل الحالك , لقد غابت شمس الحرية , ها نحن اليوم نعيش في ظلمة حصار لم يكن له مثيل من قبل, لقد تجرع الناس كأس هذا الحصار وذاقوا مرارته , فالمريض انتظر ليسافر إلى الخارج ليتعالج لكن الاحتلال أغلق مجرى النفس الوحيد وشريان الحياة لشعب أعزل وهي البوابة الوحيدة للسفر , والآن ينتظر المريض كل ليلة لقاء ربه , لقد أصبحت السلعة الغذائية أيضا لدى الناس من الصعب الحصول عليها , فإذا توفرت له لن تكفي حاجاته الأساسية لغلاء المعيشة .فقاطعت حديثه وهو يرتجف من البكاء وقلت له وما حال سجل التضحية والفداء يا جدي , فرد مبتسما ما فتئ هذا الشعب من تقديم الشهداء رغم قسوة الإحتلال إلا أنه لم ينحني للمعابثات الهزلية الخائبة التي تحمل راية السلام , وبعد حوار مع هذا الجد الفلسطيني الصابر على الابتلاءات والمحن, ودعته تاركا لهذا النموذج الفريد رسالة تحمل في طياتها "الصبر باب لا يغلق مفتاحه".

هكذا هي حياة الشعب الفلسطيني والذي دق أجراس أبواب العالم , فلم يبقى إلا من أحاطه بهذه الابتلاءات ليعلم مدى إخلاص أهل هذا الشعب بقضيتهم وهويتهم , فسيأتي يوم تضاء فيه شمعة الحق التي تزيل الظلم والعدوان , واليوم تضاء شمعة لتنير المكان الذي أظلمه قاتل الحريات.







تأليف\ محمد سمير أبو شمالة يناير 2008م





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://khadarya.yoo7.com
انا عاشقه الامل
مواضيع مميزة
مواضيع مميزة
انا عاشقه الامل


عدد الرسائل : 860
مواضيعي :
<marquee direction="Up" scrollAmount="2"><FONT size="4" COLOR="Blue">[url=رابط صفحة الموضوع]اسم الموضوع[/url][url=رابط صفحة الموضوع]اسم الموضوع[/url][url=رابط صفحة الموضوع]اسم الموضوع[/url][url=رابط صفحة الموضوع]اسم الموضوع[/url][url=رابط صفحة الموضوع]اسم الموضوع[/url]</FONT></marquee>

تاريخ التسجيل : 04/03/2008

خطوات حائرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: خطوات حائرة   خطوات حائرة Emptyالخميس سبتمبر 04, 2008 4:04 am

مشكور يا سامي
تحياتي الك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
أنفاس الأنين
مشرف عام VIPعلى المنتدى
مشرف عام VIPعلى المنتدى
أنفاس الأنين


انثى
عدد الرسائل : 285
العمر : 36
المزاج : رايقة
مزاجي : خطوات حائرة 710
مواضيعي :
<marquee direction="Up" scrollAmount="2"><FONT size="4" COLOR="Blue">[url=رابط صفحة الموضوع]اسم الموضوع[/url][url=رابط صفحة الموضوع]اسم الموضوع[/url][url=رابط صفحة الموضوع]اسم الموضوع[/url][url=رابط صفحة الموضوع]اسم الموضوع[/url][url=رابط صفحة الموضوع]اسم الموضوع[/url]</FONT></marquee>

تاريخ التسجيل : 01/05/2008

خطوات حائرة Empty
مُساهمةموضوع: رد: خطوات حائرة   خطوات حائرة Emptyالأحد سبتمبر 14, 2008 2:46 am

الله يجزيك الخير أخي الصخرة
رمضان كريم
دمتم بعز
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
خطوات حائرة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الذيب الاسود :: 
¯°·.¸¸.·°¯قصر الادب والشعر العربى¯°·.¸¸.·°¯
 :: *****قصور القصص والروايات*****
-
انتقل الى: